الأربعاء، 16 فبراير 2011

ما بعد الثورة .. حزب الثورة !!!





يخطئ من يعتقد أنه بإسقاط النظام وبإسقاط مبارك نكون قد حققنا الهدف من ثورتنا المباركة. لقد قمنا بهذه الثورة من أجل تحقيق حلمنا المشروع والمنتظر في الحياة في دولة قوية وحرة تحترمنا ويحترمنا بها العالم، دولة تستحق اسم مصر العظيم. إن هدمنا لنظام الحكم لم يكن بسبب حبنا للهدم والموت وإنما حباً في البناء والحياة. ولهذا فإن دورنا ...
الآن لم ينته بل بدأ. لقد أصبحنا لأول مرة أصحاب هذا البلد والمسئولين عنه وعلينا أن نكون على قدر هذه المسئولية. لو لم نكن قد قمنا بهذه الثورة للعننا أولادنا لسلبيتنا وإن لم نقم الآن دولتنا التي حلمنا بها للعننا أولادنا أيضاً. أنا لست متشككاً الآن في وعينا بهذا فأنا أرى من حولي مجموعات لا نهائية تطرح مبادرة البناء من توعية سياسية ودعوات للنشاط الإيجابي الاجتماعي والاقتصادي ومبادرات للعمل العام ومحاولات لإنشاء أحزاب. وعند هذه المحاولات جميعاً أتوقف.

قبل أن أشارك برأيي في ما يجب فعله الآن سأتكلم عن تحفظاتي على محاولات بعضنا إنشاء أحزاب تعبر عن الثورة. أعتقد في رأيي المتواضع أن هذه الخطوة تفتقد التوقيت المناسب والملائمة السياسية وهذا للأسباب
الآتية:

1 – من المستحيل جمع كل المشاركين في الثورة على مبادئ حزب واحد. أي حزب في الدنيا له توجه وطريقة يراها الأصوب للحكم وهو ما لا يمكن أن ينال رضا كل الثوار، فمنا الإخواني واليساري والليبرالي وأغلبنا ممن يعرفون فقط أن النظام كان يجب أن يسقط ولكنهم لا يملكون أي توجه سياسي. لقد اجتمعنا جميعاً على مطالب واحدة كانت هي كل ما يجمعنا، ولن نستطيع الاتفاق على ما هو أبعد من ذلك. ولذلك فنحن أمام مشكلة وهي أنه لا يمكن إنشاء حزب يعبر عن الجميع وبالتالي سنجد أننا أمام عدد من الأحزاب تدعي كلها أنها أحزاب الثورة.

2- الثورات بطبيعتها تقوم بتغيير الأنظمة، لم الأبنية الفاسدة وبناء أنظمة جديدة تعبر عن الشعوب. أما الأحزاب فتقوم لتحكم هذا البناء الجديد. الثورات أكبر وأنقى من أن تختزل في حزب أو أن تتصارع داخلياً على مكاسب سياسية. أين هو النظام الذي سيقوم حزب أو أحزاب الثورة بحكمه؟ لا يوجد، لذا علينا أن نؤجل قليلاً موضوع الأحزاب إلى حين بناء النظام السياسي الجديد.

3- إنشاء الأحزاب يحكمه القانون، والقانون يكتب في ظل دستور. ونحن حتى هذه اللحظة لا نملك أياً من هذا !! كيف يمكن التفكير في حزب ونحن لا نعلم حتى الآن هل سيكون النظام الجديد رئاسياً أم برلمانياً أم ماذا؟ ثم أين هي الجهة التي سنقدم لها طلبنا لإنشاء حزب؟

4- كما أود أن أضيف أحد مخاوفي هنا و هو أن يحتكر الحزب الجديد الثورة فنجد أنفسنا أمام حزب وطني جديد بعد بضعة أعوام. لنكن جميعاً أبناء الثورة أحزاباً و مستقلين نعمل تحت مبادئها و في ضيائها و لنجعل الثورة تجمعنا بدلاً من أن تفرقنا.


إن إنشاء حزب يتطلب وجود مجموعة أفكار وأهداف يؤمن بها مجموعة من الناس يحاولون الوصول بها إلى سدة الحكم. أعتقد أن هذا يمكن حدوثه في المستقبل، أما الآن فلندع هذه الأفكار تبني وتتبلور على مهل حتى تولد ولادة طبيعية مكتملة لا قيصرية متسرعة.

أعتقد أنه من الأولى في هذا التوقيت العمل على ضمان تحقيق مكاسب الثورة في هذه المرحلة الانتقالية. يجب علينا الآن المشاركة في بناء النظام الجديد وقوانين اللعبة الجديدة، قبل أن نفكر في اللعب. لهذا فأنا أقترح الاشتراك في كيان يكون أميناً على مكاسب الثورة التي تحققت حتى الآن ويكون دافعاً لتحقيق الباقي. يكون من وظائف هذا الكيان الاشتراك في وضع مسودات الدستور الجديد ووضع تصورات لمؤسسات الدولة وتعزيز الثقافة الجديدة والتوعية بالديمقراطية والملكية المشتركة لهذا البلد. لا يخفى علينا جميعاً أن الثقافة العامة والخاصة نشأت في ظل أنظمة فاسدة أثرت عليها سلباً. إن عملية البناء التي أتحدث عنها لا تقتصر على البناء السياسي وإنما تمتد بالضرورة إلى مجالات ثقافية واجتماعية. أقدر للكل مجهودهم أياً كان وأشكر كل من حول غيرته على وطنه إلى عمل ووفقنا الله جميعاً إلى ما فيه صالح هذا البلد.


بقلم \ محمد امير ابو طيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق